كنت نفطر و نسمع في إذاعة الزيتونة، جايبين "الشيخ شطورو" يحكي على طلب العلم في الإسلام. في البداية إستشهد بالحديث: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة."
مالأول قلت حاجة باهية هذي باش يحثّوا الناس على العلم. و ما راعني أنّو يفسّر الحديث و يقول: العلم هنا هو العلم الديني و ليس العلم الدنيوي كالرياضيات و الكيمياء، و الحجج المستعملة هي: إستعمل الرسول "ال" معرّفة في العلم لأنه -حسب المفسّرين- يقصد كلّ ما علّم المسلمين و أخبرهم به حتّى يتبعوه و يدخلوا الجنّة. و هو لا يقصد العلوم الدنيويّة لأنّ المسلمين لا يمكن لهم جميعًا إتّباعها و لا يمكن لهم إتخاذ سبيل منها للفلاح.
قبل ما نواصل نحب نفتح قوس على ما جاء في موقع إسلام واب على الحديث هذا، التفسير مش بعيد على إلّي قالوه في إذاعة الزيتونة، آما فمّا حاجة جلبت إنتباهي؛ قالوا إلّي الحديث الصحيح :" طلب العلم فريضة على كل مسلم" بدون لفظة " ومسلمة" ولا يعني هذا أن المسلمة لا يجب عليها التعلم، بل هي داخلة في لفظ مسلم، لأنه إذا أطلق شمل الذكر والأنثى.
مليح.. و لكن لماذا بالإستناد لهذا الحديث برشا رجال دين يقولوا أنّو العلم حكر على الرجال ؟ الإجابة معروفة مسبقًا.
إذن يمكن الإستنتاج إلّي العلم في الإسلام هو طلب الدين و العلماء هم رجال الدين و هذا ما أجمع عليه الفقهاء.
و تذكّرت مرّة قاعد في القهوة مع جماعة واحد منهم قال: فمّا دعاء يقول "اللهمّ أعوذ بك من علم لا ينفع". علاش ؟ فمّا ياخي علوم تنفع و علوم لا تنفع؟.
هل العلوم التي لا تنفع هي العلوم التي لا تربح صاحبها ثوابًا في الآخرة ؟ أي العلوم الدنيويّة ؟
و حديث آخر أستشهدُ به أن الرسول قال: "إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر". رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
الأنبياء و الرسل لم يأتوا أيضًا بعلوم فيزياء و لا جبر، بل بالشريعة، فهل هذا يعني أنّ علماء الدين فقط هم ورثة الأنبياء ؟
و قال ابن القيم: "العلماء ثلاثة: عالم استنار بنوره واستنار به الناس فهذا من خلفاء الرسل. وورثة الأنبياء، وعالم استنار بنوره ولم يستنر به غيره فهذا إن لم يفرط كان نفعه قاصراً على نفسه، فبينه وبين الأول ما بينهما، وعالم لم يستنر بنوره ولا استنار به غيره، فهذا علمه وبال عليه وبسطته للناس فتنة لهم وبسطة الأول رحمة لهم".
أمّا السؤال المطروح: علاش مازال المسلمون يتشبّثون بمثل هذه التأويلات في عصر هيمنت فيه العلوم الدنيويّة و صار الوصول إلى المعلومة أمرًا هيّنًا ؟
قديمًا كان طلب العلم الدنيوي أمرًا عسيرًا جدّا، إذ وجب على طالبه البحث المتواصل في كتب يصعب الحصول عليها و حتّى إن وجدت يمكن لها أن تكون بلغة أجنبيّة لا يمكن فهمها. كما إقترنت بعض العلوم بالمحرّمات، فالكيمياء كانت لدى البعض ضربًا من السحر و علم الفلك نوعًا من التنجيم.
أمّا في وقتنا الحاضر فإن الحياة صارت مرتكزة على العلوم الدنيويّة كالطبّ و التكنلوجيا. و إنّجموا ناخذوا المعلومة في أيّ وقت، كما تمّ رفع الشبهات على العلوم إلّي كان البعض يراها حرام.
و الحجّة إلّي تقول أنّو العلوم هذي باش تلهيك على الآخرة ماعاش تنفع على خاطر صار تلقّي علم الدين شبه مستحيل من غيرها.
فمّا حاجتين:
- الحاجة الأولى هي جهل رجال الدين و بعض المسلمين بقيمة العلوم الدنيويّة، بالنسبة ليهم تحفيظ القرآن خير برشا من طبيب ينقذ حياة المئات من المرضى، و بناء مسجد في منطقة نائية خير من بناء مستوصف.
- الحاجة الثانية هي تجهيل الشعب وفقًا لمخطط أمريكي صهيوني. و الهدف هو الحصول على شعوب ساذجة ترى أنّها بخير إذا إتبعت الشريعة فقط و لا تهتم ببقيّة العلوم الأخرى، و هذا لا يمكن له أن يخدم سوى الغرب المصنّع الذي جعل من البلدان العربيّة سوقًا لآخر منتوجاته يبيعها فيه و يربح جرّاءها ما لا يحصى من مليارات الدولارات. و نبقى نحن في تباعيّة أبديّة ليهم ما تقوملناش قايمه، يفكّولنا خيرات بلادنا و نستنّاو فيهم باش يستثمروا عنّا، عايشين على الفتات.
و الشكر كلّ الشكر لتجّار الدين و من إتّبعهم من الأغبياء.